رحلة التهجير كانت قاسية جداً , و أثارها
السيئة لازالت تلاحق كل المهجرين قسراً من ديارهم، ولكن بعد مرور أقل من شهر على التهجير
للشمال تابعت رسالتها التي بدأتها مع نساء الغوطة , ولكن هذه المرة مع شريحة أكبر،
نساء نازحات ومقيمات، عرب وكرد وتركمان، من أعمار متنوعة وثقافات عدة.
نيفين الحوتري خريجة المعهد المتوسط لإدارة
الأعمال، والتي عملت لمدة 11 سنة قبل بداية الثورة كمديرة مشروع بأحد الشركات الخاصة
، ومع أولى بوادر الحصار للغوطة الشرقية أخذت قرارها بالبقاء في الغوطة وعدم مغادرتها
لأي سبب حتى أُجبرت على التهجير القسري باتجاه الشمال السوري عبر قوافل التهجير.
بدأت عملها التطوعي بمجال تعليم الأطفال
خلال سنوات الحصار الأولى في الغوطة ليستمر التعليم بعد أن أُغلقت المدارس , وباتت
مستهدفة من قبل نظام الأسد وصواريخه المدمرة مما أدى لنقص في الكادر التعليمي , ولكن
بعد توفر عدد من المعلمين لتغطية الاحتياج في السنوات اللاحقة ، اختارت نيفين العمل مع النساء في مجال التمكين ، حيث بدأت عملها عن طريق استبيان قامت بإجرائه مع
عدد من النساء واطّلعت على الحاجات الكبيرة التي يجب العمل عليها في ظل الحصار ومع
المستقبل المجهول , كما عملت منسقة نسائية لسنوات , وكان دورها في دفع النساء الى سوق
العمل والاعتماد على الذات ، حيث آثرت العديد
من النساء البقاء في المنزل بعد أن فقدن وظائفهن أو انقطعن عن التعليم بعد الحصار وقطع
الطرقات، وإغلاق المعابر الانسانية بين المناطق
ولعبت دور كبير في تحفيز عدد من النساء الجامعيات على المشاركة، في منظمات المجتمع
المدني و شكلنا معاً لجنة نسائية كان لها النصيب
الأكبر في تنفيذ مشاريع نوعية في المنطقة, بالإضافة لتقديم تدريبات مكثفة للنساء فيما يخص مواضيع عدة منها الحوكمة و القيادة النسائية و تشجيعهن
على المشاركة في العمل المدني ثم انتقلت نيفين لمرحلة متقدمة تختص في التمكين السياسي للنساء ضمن شبكة مدنية تعنى بالشأن السياسي تضم 45 امرأة داخل الغوطة
، ولكن مع التطورات العسكرية على الأرض , ودخول قوات الأسد الى المنطقة مما أُجبرها
على ترك الغوطة لتتحول الى مهجرة في الشمال المحرر , وتساهم نيفين بإطلاق كيان يجمع
النساء في الريف الشمالي , والشرقي لحلب، وتعمل
على تشكيل لجان فرعية في 6 مدن وأصبح عدد عضواتها المنتسبات لها أكثر من 450 عضوة بعد
مرور سنتين على التشكيل.
سمعت
نيفين عن تدريبات نوعية موجهه للنساء تطلقها منظمة تستقل، فقامت بالتواصل مع
إدارتها وطالبت بإجراء التدريبات في الريف الشمالي حتى يتسنى لفريقها, ونساء المشاركات
معها الاستفادة من الدورات, وهذا ما كان حيث
استجابت إدارة تستقل لمطلب نيفين وفريقها
, وكانت دورتها الأولى في مدينة أعزاز تضم عدد من عضوات , وحدة دعم وتمكين المرأة
, وكان للتدريبات التي حصلنا عليها أثر كبير في تطوير المشاريع ، إذ صادف تنفيذ أحد
مشاريع الانتخابات للجان الفرعية مع تدريب على الانتخابات ضمن منظمة تستقل، فكان للتدريبات
التي تلقتها حول الحوكمة وقانون الانتخاب الأثر الأكبر في نجاح, و تنفيذ المشروع, ولم
تنسى نيفين تدريبات إدارة وحل النزاع والمفاوضات و مهارات التواصل والقيادة و حقوق الانسان والجندرة
، كلها شكلت لنيفين وفريقها حجر أساس في توفير
معارف نوعية للمتدربات ورفع مستواهن الثقافي حول دور المرأة القيادة في المرحلة المقبلة
من تاريخ سوريا الجديدة ولكن لم تنتهي رحلتها مع تستقل بانتهاء التدريب، إذ توفرت لها
فرصة الانضمام للمرحلة الثانية المتقدمة وهذه المرحلة كانت الأكثر تخصصاُ, و من بين المشاريع التي علمت
عليها مع فريق تستقل هو دراسة معمقة لواقع الانتخابات وإجراء بحث عن مراقبة الانتخابات,
حيث أختارت أن تعمل على شق مشاركة النساء في الانتخابات، وأثناء التحضير للبحث قرأت
العديد من المراجع للتوسع بجزئية مشاركة النساء في العملية الانتخابية, و في نفس الفترة
التي كانت تعمل بها على إعداد ورقات تشرح كيفية مشاركة النساء، قام المجلس المحلي التابع
لإحدى بلدات ريف حلب المحرر بإجراء انتخابات
ترميمية للمجلس المحلي، وكان لنيفين دور في مراقبة هذه الانتخابات كونها جزء من شبكة
المجتمع المدني، كما أنها شاركت بجلسات توعية للنساء لحثهن على الترشح , والمشاركة
بالعملية الانتخابية ، و استطاعت نيفين أن تثبت وجودها في كل مراحل العملية الانتخابية
من التوعية وحتى فرز الأصوات في نهاية العملية الانتخابية, طبقت ما تعلمته في جلسات
تستقل عن الانتخابات وتفتخر اليوم بتجربتها الانتخابية الجديدة، على أمل الوصول لاستحقاق
الانتخابات الرئاسية في بلدها، وأن أشارك في العملية الانتخابية وفق مع تعلمته من خلال
تدريبات تستقل.